Bag om فلستيا
لم يطأ الأدب الفلسطيني الكتابة الكابوسية أو السوداوية كثيرًا. لقد تميز الادب الفلسطيني عموما بأسئلة الهوية والوطن والحلم والفردوس المفقود، ومسيرة العذاب عن الماضي والذاكرة، الخ. الجديد في هذه العمل هو ان له منطقه الخاص، يجعلك تصاب بحالة من الغضب واستسلام كامل لسطوة النص، بحيث تخلع عنك رأسك، وتعيش مع ثقله الجاثم على ظهرك، وتلتقي مع كوابيسه داخل يقظتك ونومك في النص. يمكن ان نسميه " أدب الغضب". هذه الكتابة لا تسمح لك أن تكون خارج النص، تغمرك في أجواء يعمها التيه والأحلام المنكسرة والحزن، ويشحنها التشاؤم، ويغلي اليأس بين جنباتها. كتابة لا تسمح لك أن تنجوا من ذكريات وكوابيس النوم القديم ولا من وهذيان اليقظة المفزعة. (الكاتب الروائي مروان عبد العال) "فلستيا" مغامرة روائية صعبة، يقدم فيها اسماعيل رمضان جردة حساب لوعي الفلسطيني وسلوكه (اللاجئ وغير اللاجئ) على مساحة زمنية ومكانية ممتدة وطويلة، ورغم تعقيدات النص إلا أنه نجح في تجاوز مصيدة الوعظ والرثاء وثقافة الضحية الهابطة، وصعد إلى حالة من الاشتباك مع الذات أولا، فيعري ويفضح ويكشف النذالة التي شكلت ولا تزال حالة استنزاف لطاقة الفلسطيني على المقاومة، وانحرفت به نحو بؤس سلوكي وأخلاقي وسياسي وثقافي مروع. تتحرك شخصيات الرواية بصورة متحررة من الزمن والقيود، تركض في المكان، هنا في فلسطين وهناك ما وراء الحدود، ومع ذلك، ورغم محاولاتها الطاحنة، إلا أنها تجد نفسها دائما محاصرة بالعجز والكذب والنفاق والجبن. في غمرة هذا الاشتباك المستمر، يتكيف الوعي حينا ويتمرد حينا، ويتخطى "المقدس" الاجتماعي التافه، ويضعنا وجها لوجه أمام معادلة صارمة ما دام وعي الفلسطيني مسكونا بالجهل والخرافة والقدرية والصمت على القهر والتذلل للبقاء، فلن يتمكن من بناء شروط استحقاق حقوقه من عدو تمكن من اختراق وعيه واحتلاله بطريقة أكثر شراسة من احتلاله للأرض، في سياق هذه العملية المستمرة تماهت الذات المهانة مع استلابها وأصبحت بنية عضوية ففقدت قدرتها على التجلي الحر وراحت تعيد إنتاج العبث والهبوط والتخريب الداخلي. ليجد الفلسطيني نفسه أمام محصلة راهنة من الأداء والممارسة تتناقض مع تضحياته وعذابه وحقوقه ووجوده. بهذا المعنى يمكن القول إن رواية "فلستيا" هي عمل يهدم وعيا مشوها كشرط لإعادة بناء وعي يستجيب لمعادلات الصراع الضاري. (الكاتب نصار إبراهيم)
Vis mere